التعامل مع المسنين يتفاوت بشكل كبير بين المجتمعات التقليدية، من الأسوأ بكثير للأفضل مقارنة بمجتمعاتنا الحديثة.
على الناحية الأكثر سوء، العديد من المجتمعات التقليدية يتخلصون من مسنيهم بواحدة من أربعة طرق مباشرة في تزايد: بإهمال مسنيهم بعدم اطعامهم وتنظيفهم حتى يموتون، أو بهجرهم حين تتحرك المجموعة، أو بتشجيعهم على الإنتحار، أو بقتلهم. في أي من المجتمعات القبلية يهجر أو يقتل الأطفال آبائهم؟ هذا يحدث تحت حالتين بشكل أساسي. الحالة الأولى للرحالة والمجتمعات الصائدة والجامعة للطعام والتي غالبا ما تحرك معسكرها وهي غير قادرة بدنيا على نقل المسنين الغير قادرين على السير في الوقت الذي على القادرين جسمانيا من الشباب أن يحملون أطفالهم وكل متعلقاتهم. الحالة الأخرى في تلك المجتمعات التي تعيش في بيئات متجددة أو نائية، مثل القطب الشمالي أو الصحاري، حيث يحدث نقص في الطعام على فترات، وأحيانا لا يوجد طعام كاف ليبقي الجميع على قيد الحياة. فأي كان الطعام الباقي، يجب أن يُحفظ للقادرين بدنيا وللأطفال.
لنا نحن الأمريكيين، هذا يبدو مريعا أن تفكر في هجر أو قتل زوجتك المريضة أو زوجك أوأب أو أم مسنة، ولكن ما الذي يمكن أن تقوم به تلك المجتمعات التقليدية بشكل مختلف؟ إنهم يواجهون ظرفا قاسيا ليس به خيار. فآبائهم اضطروا للقيام بذلك مع آباهم، وكبارهم يعلمون ما الذي سيحدث لهم.
على الطرف المعاكس تماما في التعامل مع المسنين، الطرف السار، هو المجتمعات الزراعية في غينيا الجديدة حيث كنت أقوم بعملي الميداني للخمسين عاما الماضية، وفي معظم المجتمعات التقليدية الأخرى حول العالم. في تلك المجتمعات، تتم العناية بكبار السن. يتم إطعامهم. ويظلون ذوي قيمة. يستمرون في العيش في الكوخ الخاص بهم أو في مكان آخر ولكن بالقرب من أبنائهم، وأقربائهم وأصدقاء عمرهم.
هناك مجموعتان من الأسباب لذلك التفاوت في كيفية تعامل تلك المجتمعات مع كبار السن. التفاوت ناتج وبشكل خاص عن فائدة كبار السن وعلى قيم المجتمع.
أولا، فيما يختص بالفائدة، يستمر المسنون في تأدية خدمات ذات نفع. من فوائد كبار السن في المجتمعات التقليدية أنهم غالبا لا يزالون منتجين للطعام بشكل فعال. فائدة تقليدية أخرى لكبار السن هي أنهم قادرون على مجالسة الأطفال وأحفادهم، وتبعا لذلك يعطون مساحة حرية لأبنائهم البالغين، آباء هؤلاء الأحفاد، ليذهبوا للصيد وجمع الطعام من أجل أحفادهم. هناك قيمة تقليدية أخرى لكبار السن وهي صناعة الأدوات والأسلحة والسلال والقدور والأقمشة. في الواقع، يكونون الأفضل في تلك الأمور. كبار السن غالبا ما يكونون القادة في المجتمعات التقليدية، والأكثر دراية بالسياسات، والدواء والدين والغناء والرقص.
أخيرا، كبار السن في المجتمعات التقليدية لديهم ميزة كبير لا يمكنها أن تحدث أبدا لنا نحن في مجتمعاتنا الحديثة المتعلمة، حيث تكون الكتب هى مصدر المعلومات والإنترنت. على النقيض، في المجتمعات التقليدية التي لا تكتب، كبار السن هم مستودعات المعلومات. معرفتهم هى الفارق السحري بين الحياة والموت للمجتمع بأسره في وقت الأزمات نتاج أحداث نادرة لم يعشها إلا الأكبر سنا ومروا بخبرتها. تللك العوامل هي التي تجعل الأكبر سنا ذوي نفع في المجتمعات التقليدية. نفعهم يتنوع ويساهم في تنوع كيفية معاملة المجتمع للمسنين.
——————
مقطع من محاضرة على الرابط التالي
في النهاية
لا تحكم على الآخرين بتسرع حاول أن تفهم ما الذي يدفع الآخرين لفعل ما يفعلوه.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق